الخوف عند الأطفال وكيفية التعامل معه
تُعدُّ الكثيرُ من مخاوف الطفل طبيعيَّة، وغالباً ما تحدُث في أعمارٍ مُعيَّنة. على سبيل المثال، يخاف الكثيرُ من الأطفال الصغار من الدخول في غرفةٍ مُظلمة أو من الظلام عموماً، وربَّما يحتاجون إلى إضاءة ليليَّة (يكون الخوفُ من الظلام آخرَ المخاوف التي يتخلَّص منها الطفل عادةً، ويتجلَّى هذا الخوف بدءاً من السنة الثانية من العمر)، كما يخافُ جميع الأطفال تقريباً من صوت الرعد.
وهذا لا يعني أنَّهم يُعانون من الخوف؛ ففي مُعظم الحالات، تختفي هذ المخاوفُ عندما يكبر الطفل. عندما يتحلَّى الوالدان بقليل من الصبر والتفهُّم، يُمكن أن يُساعدوا أطفالَهم في التغلُّب على هذه المخاوف وغيرها من المخاوف الشائعة في مرحلة الطفولة. ولكن يجب أن يدركَ الوالدان أنَّ هناك مخاطر حقيقية تُهدِّد أطفالهم.
وبينما يبذل الآباءُ جهدَهم في مساعدة أطفالهم على التخلُّص من بعض أنواع المخاوف، فهم في الوقت نفسه يضرُّون إلى تعليمهم بعضَ المخاوف من أجل حمايتهم. إذا كان خوفُ الطفل لا يُعيقه عن أداء نشاطاته اليومية، أو لا يُسبِّب له إجهاداً نفسياً كبيراً، إذاً لا داعي للقلق. ولكن إذا كان خوفُ الطفل يُعيقه عن أداء نشاطاته الاجتماعية، أو يُؤثِّر في أدائه المدرسي أو في نومه, عندها قد يحتاج الأمرُ إلى زيارة أحد الأطبَّاء المُتخصِّصين في مُعالجة الأطفال.
ما هي مخاوف الأطفال الطبيعية؟ تُعدُّ المخاوفُ التالية طبيعيةً وشائعة: من الولادة وحتى سنتين - يخاف الطفلُ من سماع الأصوات العالية أو من الغرباء أو من الانفصال عن الوالدين أو من الأجسام الكبيرة. من ثلاث إلى ستِّ سنوات - يخاف الطفلُ من أشياء خيالية، مثل الأشباح والوحوش والظلام والنوم وحيداً وسماع أصوات غريبة.
من سبع سنوات إلى ستة عشر سنة - يخاف الطفلُ من أشياء أكثر واقعيَّة، مثل الخوف من الإصابة أو التعب أو الأداء المدرسي أو الموت أو الكوارث الطبيعية. الخوف من الذهاب إلى المدرسة -على الرغم من أنَّ "قلقَ الانفصال" عن أحد الوالدين, أيّ صعوبة ترك الأمّ، قد يكون عاملاً رئيسياً في رفض الطفل الذي يتراوح عمرُه ما بين خمس إلى سبع سنوات للذهاب إلى المدرسة، ولكن ليس بالضرورة أن ينطبقَ هذا العاملُ على الأطفال الأكبر سناً.
إنَّ العواملَ الرئيسية التي تُثير الخوفَ "الحقيقي" لدى الطفل هي تعرُّضه للمعاملة القاسية في المدرسة، أو حضور الحصَّة الرياضية، أو وجود معلِّمين غير لطيفين، أو الحجم الكبير للمدرسة، أو غيرها من العوائق الشخصية والعائلية. أسباب الخوف عند الأطفال غالباً ما يظهر الخوفُ عن الأطفال عندما يتعرَّضون لخبراتٍ أو تجارب لا يستطيعون فهمَها وتبدو وكأنَّها تُهدِّدهم. من الطبيعي ألاَّ يخافَ الطفلُ من أمرٍ يُخيف أخاه أو أخته. وفيما يلي بعض الأمور التي قد تُسبِّب الخوف لدى الطفل: ردود أفعال الآخرين لأشياءٍ أو أحداث. يُمكن أن يُسبِّبَ الخوفُ الشديد لدى أحد الأطفال من الثعابين، أو رعب الكبار عندَ رؤية العناكب الكبيرة، ظهورَ الخوف لدى طفلٍ آخر من هذه الأشياء نفسها. رؤية حدث مؤلم و مُخيف. قد يُشاهد الطفلُ حادثَ سيرٍ خطيراً, أو قد يرى قطَّةً دهستها إحدى السيَّارات. يُمكن أن تُسبِّبَ هذه المشاهدُ ذكرياتٍ مُخيفةً لا ينساها الطفل أبداً.
قلَّةُ احترام الذات وانعدام الثقة. يُمكن أن يظهرَ الخوفُ لدى الطفل بسبب نقص احترامه لذاته وانعدام الثقة بنفسه. لذلك، من المُهمِّ أن يُشجِّعَ الوالدان جهودَ طفلهم ويُثنون عليه، كما يجب أن يزيدوا ثقتَه بنفسه. التوتُّر الأسريُّ والمشاكل العائلية الدائمة. تحدُث المشاكلُ الأسرية لدى جميع الأسر, ولكن إذا كان ذلك بشكلٍ دائم فسوف يمتصُّ الأطفالُ هذا التوتُّرَ ويُصابون بالخوف، وقد يكون الخوفُ من المجهول جزءاً من حياتهم. كيف يُمكن للوالدين مُساعدة طفلهم؟ ● يعتمد مستوى خوف الطفل على درجة القلق الذي يُعاني منه، وعلى تجاربه الماضية، وعلى مدى خياله.
عندما تظهر إحدى المخاوف على الطفل، يجب على الوالدين إعطاء الطفل المزيد من الوقت، وأن يُحاولا تجنُّبَ الأحداث والمواقف التي يُمكن أن تُثيرَ هذه المخاوف. قد يُصبح الطفلُ مُستعدَّاً بشكلٍ أفضل للتعامل مع مخاوفه بعدَ مرور عدَّة أشهر. يجب على الوالدين تجنُّب إلقاء المحاضرات على الطفل. كما لا يختفي خوفُ الطفل عندما يسخر منه الآخرون، أو يجبرونه على فعل أو تجاهل شيءٍ ما، أو على استخدام طريقة الإقناع بالمنطق. يجب على الوالدين تقبُّل حقيقة مخاوف الطفل على أنهَّا شيءٌ منطقي, كما يجب عليهما تقديم الدعم له عندما يكون خائفاً. يجب عليهما أيضاً اتِّباع سياسة تحليل الموقف وأن يستخدموا الكلمات المُطمئنَة للطفل.
يجب أن يعلمَ الوالدان أنَّ بعضَ المخاوف جيِّدة، حيث يجب أن يكونَ لدى الطفل حذرٌ صحِّي, فقد يكون الناسُ الغرباء خطيرين. وكلَّما زاد عمرُ الطفل زاد فهمُه لمبدأ السبب والنتيجة ومبدأ الحقيقة والخيال. في نهاية المطاف، ستختفي مُعظمُ المخاوف، أو سيستطيع الطفلُ التغلُّبَ عليها على الأقل. يجب أن يقومَ الوالدان بتعليم الطفل كيفيَّة مواجهة المخاوف, حيث يستطيع الأطفالُ تعلُّمَ مهارات سلوكية تجعلهم يشعرون أنَّهم يستطيعون التحكُّمَ بشكلٍ أكبر بمخاوفهم. يُمكن تعليمُ الطفل أن يأخذَ نفساً عميقاً أو أن يستخدمَ خياله لتحويل الشبح المخيف إلى شبح مُضحِك، أو أن يضع الطفلُ كشَّافاً بجانب سريره ويُشعله عندما تُطفأ الأنوار.
هناك أساليبٌ أخرى مفيدة مثل قراءة كتب قصص الأطفال التي تتحدّث عن المواقف المُخيفة أو عن إجراء عملية جراحية في المستشفى. يجب عدم تعريض الطفل لموقفٍ مُخيف أبداً بشكلٍ مفاجيء, فغالباً ما يُؤدي اتباع أسلوب " الصدمة" إلى ظهور نتائج عكسية و سيزيد من خوف الطفل. يجب تعريض الطفل للمواقف المُخيفة بشكلٍ تدريجي لكي يستطيع التغلّب على مخاوفه. علاج الخوف عند الأطفال أوَّلاً, يجب الأخذُ في عين الاعتبار مدى تأثير هذا الخوف في حياة الطفل؛ فإذا كان هذا الخوف لا يُؤثِّر في حياته اليومية، فهذا أمرٌ طبيعي وسيزول.
أمَّا إذا كان هذا الخوفُ يُسبِّب إجهاداً نفسياً كبيراً للطفل أو يُعيقه عن مُمارسة نشاطاته اليوميَّة، فعندها يجب أن يتلقَّى العلاج. يُمكن علاجُ المخاوف المُستمرَّة لدى الأطفال في كثيرٍ من الأحيان بالطريقة نفسها التي يُعالَج بها البالغون، أيّ بإنقاص مستوى التحسُّس لديهم من خلال التعرُّض للمواقف التي تُثير لديهم الخوف. وبما أنَّ مخاوفَ الطفل غالباً ما تكون مُتقلِّبة وعابرة، لذلك يجب فحص سجل الطفل السابق الخاص بمخاوفه قبل البدء في البرنامج العلاجي. غالباً ما تزول مُعظمُ مخاوف الطفل دون الحاجة للعلاج، وقد يتعلَّم الطفلُ طريقةً جديدة للفت الانتباه عندما يُعبِّر عن موقف ما، ويستخدم جملمة "أنا خائف"، فيتجاوب الوالدان معه بتعاطفٍ شديد.
وبطبيعة الحال، إذا احتاج الطفلُ إلى استخدام كلمة "الخوف" باعتبارها وسيلةً للفت الانتباه، فقد يُشير ذلك إلى نوعٍ مختلف من المشاكل داخل الأسرة. لا يُمكن أن يستجيبَ من يعاني من الخوف إذا تعرَّض لعقوبة, ولن تتحسَّن حالتُه في "السيطرة على مخاوفه". ولكن، يستجيب الأطفالُ على وجه الخصوص بشكلٍ أفضل إذا تمَّت مُساعدتُهم على زيادة مهاراتهم وكفاءتهم، ثمَّ تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة التي تتضمَّن أموراً يخافون منها. بالنّسبة للأطفال الصغار، يُمكن أن يُمارسَ الوالدان مع الطفل الأنشطةَ العمليَّة التي يخاف منها على شكل لعبة، لأنَّ معظمَ الأطفال يستجيبون بشكلٍ أفضل عندما يلعبون. أمَّا في في حالات الخوف الشديد، فقد يستخدم المُعالِج طرقَ الاسترخاء، ويعرض على لطفل مقاطعَ فيديو، ويجعله "يواجه الموقفَ بشكلٍ خيالي"، أيّ يُساعد المعالِجُ الطفلَ على تخيُّل مواجهة الموقف المخيف قبلَ محاولة تعريضه له في الواقع.