العقاب ما بين العنف والتربية

صورة فريق أحلى حياة
العقاب ما بين العنف والتربية

الضرب خطأ تربوي فادح، إلا إذا....

و" إلا إذا " هذه تحتاج لبعض الشرح في مفهوم العقاب، حيث يولد الطفل وينمو وهو صفحة بيضاء ناصعة، لا تشوبها شائبة من سوء النية أو تعمد الخطأ، لكنه يكتسب الخبرات بالتدريج، يحفزه على ذلك حب استطلاع كبير هو سر نموه العقلي، وتطوره الإجتماعي، لكنه في طريق التعليم والتطور قد تصيبه العثرات أو فلنقل الأخطاء غير المتعمدة.

فمثلا: طفل صغير أعجبته زهرية زاهية اللون ذات زخارف ورسوم خلابة لافتة للنظر، فأمسكها متأملا جمالها اللافت، وفجأة أفلتت من بين يديه، لتقع على الأرض وتتحطم إلى أشلاء.. نظر إليها، أو بمعنى أصح إلى بقاياها، مندهشا من الموقف الذي لم يقصده.. فما هو التصرف المتوقع من الأهل حيال هذا الموقف؟

التصرف الغريزي التلقائي هو العنف المتمثل في الصراخ في وجهه، بل وضربه، وسوف يتعجب الفتى الصغير لهذا الموقف، فهو لم يقصد أن يفعل ما فعل.. فلم الضرب إذا؟ والحقيقة أن الطفل لا يلام هنا أبدا، فكل ما فعله هو رد فعل غريزة حب الاستطلاع، ولا يجب أن يكون جزاؤه الضرب، وإلا كبتنا فيه تلك الغريزة المفيدة، والحل في هذه الحالة أنه إذا خشت الأم على شيء ثمين، فالأوفق أن تبعده عن عيني الطفل لا عن يديه.

ومن ناحية أخرى فالأمر يختلف في موقف آخر، فمثلا : طفل يقترب من فيشة الكهرباء محاولا أن يمسكها بيديه، وهنا تلمحه الأم، فتهرع إليه لإنقاذه من الصعق بالكهرباء.. فما التصرف المطلوب هنا؟

لو حاولنا أن نشرح للطفل ما هي الكهرباء، وما مدى خطورتها على حياته، فلن يفهم ويعي ما سوف نقول، لكنه سوف يحذر كثيرا عندما ينال عقابا تربويا في صورة ضرب يتذكره طويلا.

الموقفان مختلفان، الأول خطأ غير مقصود لا بد منه لاكتساب الخبرات، وفي هذه الحالة ينبغي أن تشرح الأم للطفل سبب الخطأ وطريقة عدم تكراره أو الوقوع فيه، فالعقاب في هذا الموقف ما هو إلا عنف أسري، أما الموقف الثاني فهو خطر يتهدد حياة الطفل، فلا مانع من ضربه حتى يتفادى تكراره، والعقاب في هذه الحالة تقويم تربوي.

وختاما فالطفل الذى يربيه أبوان هادئا الأعصاب والنفس، ويقدران حسن النية عند خطأ بسيط، يكبر طفلا هادئ الأعصاب سلسا في التعامل، أما هذا الطفل الذى يخطئ فيسرع أهله إلى ضربه مع كل خطأ، فإنه يشب عصبيا سهل الاستثارة كثير الأخطاء، لا يعبأ بتوبيخ ولا تأنيب.