سلسلة الحمية الكيتونية وعلاج السرطان ج2
تشير الدراسات الحديثة إلى أن مرض السرطان مجرد مرض أيضي، أي يتعلق بعمليات الأيض والتمثيل الغذائي، وقد أشارت الأبحاث أن الخلايا السرطانية أظهرت ميول واضحة في إستخدام سكر الجلوكوز كمصدر للطاقة، حتى في حالة توافر الأكسجين مصدر الطاقة الأساسي للخلية.
فمرض السرطان يختلف عن أى مرض آخر في امتلاكه لعدد لا نهائي من الأسباب الثانوية التي قد تؤدي إلى الأصابة به، وعلى الرغم من ذلك فلهذا المرض مسبب أساسي للإصابة به، والذي يمكن تلخيصه في بضع كلمات، وهي: تحول خلايا الجسم عن الأكسجين كمصدر للطاقة والتنفس، إلى إستخدام السكر بديلا له، وذلك عن طريق تخميره.
إذن.. ماذا يعنى القول أن السرطان مرض أيضي ؟
والجواب بكل بساطة أن المرض الأيضي هو حالة تكون فيها عملية الأيض أو استخراج الطاقة من الطعام الذي نتناوله في حالة عطب أو خلل بطريقة أو بأخرى. ففي الحالة العادية تقوم خلايا الجسم بتوليد الطاقة عن طريق الطعام الذي نأكله والأكسجين الذي نتنفسه. لذا فهناك نوعان من المواد الغذائية التي تستخدمها الخلايا لإنتاج الطاقة :
- المادة الأولى : وهي سكر الجلوكوز، والتي يعرفها العامة بإسم سكر الدم، ويوجد سكر الجلوكوز في الأطعمة النشوية والسكرية ( الكربوهيدرات )، والتي تتحول إلى طاقة داخل الخلايا عن طريق عملية تحلل الجلوكوز.
- المادة الثانية : وهي الأحماض الدهنية، وأنواعها متعددة، لكن مصدرها عموما إما من الأطعمة المحتوية على الدهون، أو من التمثيل الغذائي للدهون المختزنة فى الخلايا الدهنية بالجسم. فعندما ينخفض مستوى الجلوكوز بالدم، فإن الكبد يسارع بتكسير بعض الأحماض الدهنية المختزنة في خلاياه لإنتاج الأجسام الكيتونية لتوليد الطاقة، وتسمى عملية تكوين الأجسام الكيتونية بعملية توليد الكيتون، في حين تسمى الحالة التي فيها تفضل الخلايا إستخدام الأجسام الكيتونية كمصدر أساسي للطاقة بإسم الكيتوزية.
فعند انخفاض مستوى الجلوكوز، تسارع الخلايا باستخدام الأجسام الكيتونية كمصدر أساسي للطاقة، هذه الأجسام الكيتونية تسمح لخلايا الجسم بشيء من المرونة في مسألة التمثيل الغذائي، إذ يمكننا القول أن الخلايا التي تعتمد على الجلوكوز كمصدر أساسي للطاقة مثل الخلايا المخية أوالعصبية يمكنها إستخدام الأجسام الكيتونية كمصدر بديل دون أي مشكلة. فقدرة الخلايا على إستخدام الكيتونات ( في غياب الجلوكوز ) يشير إلى سلامة الخلايا وأعضاء الجسم بشكل عام صحيا ووظيفيا.
وفي المقابل، فإن أغلب الخلايا السرطانية تعاني من مشاكل وظيفية، فضلا عن مرونة محدودة في مسألة التمثيل الغذائي. فلا تستطيع هذه الخلايا توليد الطاقة بطريقة صحية سليمة، لذلك تعجز هذه الخلايا عن إستخدام الكيتونات في توليد الطاقة، ولا يتبقى لها خيار إلا عن طريق تحليل الجلوكوز.
فإفتقاد الخلايا السرطانية للمرونة اللازمة للتمثيل الغذائي يجعلها تعتمد كليا على عملية تحلل الجلوكوز، علاوة على طرق آخرى أقل كفاءة لتوليد الطاقة اللازمة للخلايا كي تظل على قيد الحياة. وفي واقع الأمر فمبدأ المرونة في عمليات الأيض والتمثيل الغذائي هو ما يجعل الحمية الكيتونية ذات تأثير فعال على الخلايا السرطانية، فتقليل مستوى سكر الجلوكوز بالدم، يدفع الخلايا السرطانية بكل ما تحملة الكلمة من معنى إلى إستنفاذ كل مصدر طاقة متاح لها، مما يمنح بارقة أمل في القضاء على الخلايا السرطانية تماما.
د. رامي شهاب الدين